لوجستيات القطاع الصحي.... حسين الشيخ

سلسلة الإمداد تعتني بالأطوار التي يمر بها أي منتج من مرحلة استخراج المواد الخام مرورًا بالنقل والتصنيع والتخزين حتى التوزيع للمستهلك النهائي. كل منتج له سلسة فريدة، ولسلاسل الإمداد في القطاع الصحي خصوصية جعلتها أكثر تعقيدًا وفيها مراحل أكثر من غيرها.

تتميز سلاسل الإمداد في الرعاية الصحية بأنها لا تركز على كفاءة العمليات من ناحية خفض النفقات - كما في سلاسل الإمداد الأخرى - بل تركز على الفعالية حيث تعمل على إيجاد المنتج الطبي أينما ووقتما دعت الحاجة إليه لأن حياة الناس تقف على توفر ذلك المنتج.

سلاسل إمداد المنتجات تعتمد على العرض والطلب فحيث ما وجد الطلب على المنتج سيحشد المصنع موارده لتلبية طلب المستهلكين.على النقيض من ذلك تشذ سلاسل الإمداد الطبي عن القاعدة فلا يمكن الإستغناء عن توافر المضادات الحيوية لأن عدد المرضى لم يكن كافيًا، فعندما يدخل زبون لشراء منتج ولا يجده لا يعد ذلك مشكلة كبيرة لكن عدم توفر منتج طبي يشكل خطرًا.

في المنتجات العادية يمكن للمستهلك استبدال منتج بآخر، لكن هذا غير ممكن للمرضى فلكل حالته الخاصة والتي تحتم إجراء تحليل مخبري معين، أو إجراء أشعة معينة أو تناول دواء مختلف. الدواء قد لا يكون ذا نفع إن لم يكن متوفرًا بجرعة معينة أو بصورة معينة (سائل أو أقراص) فلا يمكن إعطاء الطفل دواء البالغين حتى لو كانت المادة الفعّالة هي نفسها.

المنتجات الطبية لا تخضع لقاعدة العرض والطلب ذلك لأن المريض محتاج للخضوع لإجراء طبي للتخلص من الألم، وبالمقارنة مع خدمات أو منتجات أخرى التي تخضع لقوانين السوق لأنها قد تكون منتجات كمالية أو يمكن تأجيلها أو استبدالها.

العروض الترويجية حركة تسويقية تلجأ إليها الشركات عند تكدس وقرب تاريخ إنتهاء منتج معين لبيع الكمية المتبقية لتحقيق الإستفادة القصوى من المنتج، ولكنها لا تناسب المنتجات الطبية فلا يمكن بيعها بسعر مخفض بسبب قرب تاريخ إنتهاء المنتج لتغطية أكبر قدر من التكاليف فذلك يشكل خطرًا على المستهلك.

خصوصية المنتجات الطبية جعلت سلاسل الإمداد فيها بالعادة أكثر كلفة من سلاسل الإمداد الأخرى فما لا يستهلك عادة لا يمكن إعادة استخدامه، بل إن التخلص منه بطريقة سليمة يشكل عبئًا إضافيًا.

في مقابل الفائض فإن نقص الأدوية يسبب مشكلة لوجستية للطبيب والمريض على حد سواء حيث يجب عليهما البحث عن البديل الأنسب والحصول عليه مما يكلف وقتًا وجهدًا إضافيين. دراسة وجدت أن الأطباء الأمريكيين يقضون قدرًا من الوقت  في البحث عن بدائل لنقص الأدوية وغالبيتهم عبروا رغبتهم في استثمار ذلك الوقت في تقديم رعاية إضافية للمرضى عوضًا عن حل مشاكل مخزون الأدوية التي ليست من اختصاصهم.

تفاوت أسعار الأدوية وجعلها عرضة للإرتفاع يشكل مشكلة عويصة للمستهلك الذي لا يشتريها اختيارًا بل كحاجة ملحة - تصل لحد الإجبار - مما يشكل ضغطًا على ميزانية الأفراد. لهذا السبب استحدثت دول مجلس التعاون الخليجي عام 2014 النظام الموحد لشراء الأدوية  فبهذه الطريقة يمكن لدول الخليج مجتمعة شراء كميات أكبر من الدواء من المصنع وبالتالي الحصول على أفضل سعر ممكن مقارنة بشراء كل دولة المنتج منفردة ويهدف النظام إلى توحيد أسعار المنتجات الطبية بين جميع صيدليات دول الخليج ومنع تذبذب الأسعار.

دمج العمليات اللوجستية في مجال الرعاية الطبية هو نشاط حديث العهد نسبيًا لكنه - كما يبين مشروع توحيد أسعار الأدوية - يسهم في التحسين المستمر للخدمات الطبية في ذات الوقت تطوير العمليات اللوجستية الطبية في الخليج.

 

حسين الشيخ

 متخصص في إدارة اللوجستيات العالمية