ابعد الزَرَق عن عينيك... د. خاتون علي

احتفل العالم بالأسبوع العالمي للجلوكوما (الماء الأزرق، الزَرَق) من ٨ - ١٤ مارس الجاري، الذي يعد ثاني أسباب العمى عالميًا بعد الاعتلال الشبكي لداء السكري، وهو عبارة عن مجموعة من الأمراض التي تتسبب في التلف التدريجي لعصب العين مصحوبة بالتقلص المتزايد للمجال البصري وإن لم تتم معالجته فقد يودي بالنظر.

ارتفاع ضغط العين من أهم العوامل التي تؤدي للاصابة بالجلوكوما؛ ففي العين السليمة هناك جسم هدبي يقوم بإفراز سائلًا صافيًا يسمى بالسائل المائي، حفاظًا على الضغط الطبيعي للعين هناك موازنة بين إفراز هذا السائل ومعدل تدفقه خارج العين من خلال ما يسمى بالشبكة الحاجزة الموجودة في الزاوية الأمامية للعين.

اختلال تدفق السائل المائي يؤدي لارتفاع الضغط الداخلي للعين الذي بدوره يضغط على العصب البصري وبالتالي تلف الألياف العصبية المسؤولة عن نقل الإشارات الصادرة من الشبكية إلى مركز الإبصار بالدماغ وصولًا للإصابة بالجلوكوما.

للمرض أنواع عدة قد يكون خلقي منذ الولادة أو مكتسب، وهناك الزرق مفتوح الزاوية ومغلق الزاوية، قد يكون ابتدائي وقد يكون نتيجة لاضطرابات أخرى في العين أو بسبب استخدام أنواع معينة من الأدوية مثل مشتقات الكورتيزون.

عالميًا معدل الإصابة بالجلوكوما يقارب ٢-٣٪ أغلب المصابين تجاوز الأربعين عامًا، وحوالي 50 % من المصابين لا يشخصون في وقت مبكر لتأخر ظهور الأعراض أو لعدم وضوحها.

التقدم في السن يرفع خطر الإصابة بالزرق مفتوح الزاوية، وهو مرتفع بين ذوي البشرة السمراء من الأصول الأفريقية، وكذلك ممن لديهم إصابة بالمرض دون أفراد العائلة وخاصة إذا كان من الدرجة الأولى. ويضاف إلى ذلك قصر النظر، وداء السكري وكذلك تناول حبوب منع الحمل، وانخفاض ضغط نضح العين والذي يكون نتيجة انخفاض ضغط الدم الانبساطي.

أما بالنسبة للنوع الآخر مغلق الزاوية فتزيد نسبة حدوثه أيضًا مع التقدم في السن، في النساء أكثر من الرجال، مع طول النظر، سكان شرق آسيا، والعين ذات الحجم الصغير.

هذا النوع قد يكون مصاحبًا بأعراض حادة عند الارتفاع المفاجئ لضغط العين ومنها ألم واحمرار في العين، زغللة بالنظر، غثيان، وتعتبر هذه الحالة من أهم حالات العين الطارئة التي تستوجب استشارة الطبيب في أقرب وقت لأخذ العلاج المناسب حيث أن الارتفاع الحاد لضغط العين إن لم يعالج فقد يودي بالنظر في غضون أيام.

الفحص الدوري مهم للوقاية من الجلوكوما نظرًا لتأخر ظهور الأعراض في كثير من الحالات، فالمواظبة على الفحص الدوري الكامل للعين سنويًا لمن بلغ الأربعين عامًا سلوك جيد، إذ أن التعرف على تقلص الضغط على العين في المراحل الأولى يساعد على منع أو تقليل تقدم المرض وبالتالي حماية البصر.

علاج الجلوكوما يهدف إلى تخفيض ضغط العين من خلال استخدام القطرات، وقد استحدثت تقنيات حديثة تساعد على التقليل من عدد القطرات التي قد تسبب الجفاف أو الحساسية لدى البعض ومن هذه التقنيات ليزر الميكروبلس فهو آمن نسبيًا ونسبة نجاحه تصل إلى ٧٠٪  ويمكن اجراؤه أكثر من مرة مع قلة نسبة حدوث المضاعفات، علاج الليزر أيضًا قد يقي المريض من اجراء العملية الجراحية.

معظم حالات الجلوكوما تستجيب للعلاج بالقطرات أو الليزر ونسبة قليلة تستدعي التدخل الجراحي الذي له عدة أنواع منها ما استحدث أخيرًا وهو أكثر أمانًا من العمليات التقليدية ولكن لا يمكن اجراؤها في كل الحالات. ويرجع اختيار نوع العملية للطبيب المختص بداء الجلوكوما حسب حالة المريض آخذًا بالاعتبار السن ودرجة المرض وغيرها من العوامل.

الجلوكوما مرض مزمن لا يمكن الشفاء منه نهائيًا وهنا ندعو المرضى إلى المتابعة الحثيثة والالتزام بالعلاج الموصوف من طبيب العيون.

 

د. خاتون علي

استشاري عيون