حادث في الطفولة جعلها رهينة السرير الأبيض لتتعالج مما أصابها لفترة طويلة برعاية الممرضات وكانت ترقبهم، وحلمت أن تكون ممرضة تضمد الجراح تخفف الألم عن المرضى وترعاهم.
حميدة عبد الوهاب القابلة التي عملت في حقل رعاية الحياة 22 عامًا هي الطفلة التي حلمت أن تصبح ممرضة. وقالت للطبي عن حلمها: "قررت منذ طفولتي أن أكون ممرضة وأصررت على ذلك فكانت بوصلتي تشير لكلية العلوم الصحية ما بعد الثانوية، حصلت على قبول في جامعة البحرين لكني أصررت على دراسة التمريض وحصلت على قبول في البرنامج".
وواصلت: "بعد ثلاث سنوات تخرجت وعملت في قسم الباطنية في مستشفى السلمانية الطبي لمدة عام لم أتأقلم مع الوضع كثيرًا لأن طموحي تخفيف الألم عن المرضى وإنقاذهم، فبحثت عن الحياة وموقعًا أخفف فيه الألم الشديد".
وجدت حميدة ما تبحث عنه في القبالة، وسجلت في برنامج القابلة الذي أنهته لتتخرج قابلة قانونية وتعمل في قسم المخاض والولادة في مستشفى السلمانية الطبي.
وشرحت عملها قائلة: "القابلة في غرفة الولادة تكون مسؤولة عن روحين الأم وجنينها الذي قرب موعد ولادته، وترقب حالهما بكل حواسها فلحظة واحدة تحدد مسار الولادة، وهي المسؤولة عن طلب المساعدة من الطبيبة إذا أحتاجت المرأة لعملية قيصرية". وواصلت: "عملت في هذا المجال لحوالي 20 عامًا ووفقني الله في توليد الكثير من الأمهات ولدي في رصيدي ما يقارب 18 ألف ولادة".
وتصف حميدة صبر القابلة قائلة: "في ساعة الولادة يصبح الألم شديدًا ويختلف رد فعل الحوامل فمنهن من يصبن بحالة هستيرية ومنهن الصبورات، تتعرض القابلة في هذه اللحظات للضرب أو الخدش أو غيرها من الأذى لكنها تقوم بدورها بالسيطرة على الوضع وإبقاء الحامل في أفضل وضعية للولادة". وأضافت: "لا أتصور أحدًا لديه صبر كصبر القابلة".
التفريق بين الأم ووليدها
في الجائحة انتقلت حميدة لمستشفى جدحفص للولادة لتصبح رئيسة على قسم الحوامل المصابات بكورونا. وقالت: "كانت مرحلة صعبة جدًا وثقيلة علينا وعلى الحوامل المصابات بكورونا وأزواجهن، فبعد الولادة يفحص الطفل إذا كانت نتيجته إيجابية يسلم لأمه، وإذا كانت سلبية يفصل الحجر بينهما وهي أكثر الأمور المؤلمة على الجميع". وأضافت: "في كلتا الحالتين لا يستطيع الأب رؤية طفله أو زوجته التي وضعت وليدها وتبقى الأم لوحدها حتى ينتهي فترة الحجر".
وتذكر حميدة حادثتي ولادة عالقة في ذاكرتها الأولى لأول طفل يولد برأسين، وولادة طبيعية لطفل كان حجمه كبير خرج رأسه واعترض كتفه سبيل خروجه للرحم، وقالت: "كانت لحظات شدت فيها الأعصاب ودرسنا تدابير عديدة في وقت ضيق لكن ولله الحمد نجحنا في إنهاء الولادة ونقل الطفل للعناية القصوى".
وتحدثت عن مشاعر القابلة والحوامل قائلة أن القابلة تشهد في كل ولادة عادة حالتين فريدتين الأولى خوف وتردد الأم من حمل وليدها الذي تسلمها إياها القابلة بعد الولادة مباشرة، والثانية التشبث به وعدم تسليمه للقابلة التي تأخذه لتنظيفه وفحصه. وأوضحت: "التناقض يحدث في مدة قصيرة جدًا رفض ثم تشبث الأم بطفلها وهي أحلى لحظة نعيشها كقابلات".
وتمنت على الممرضات والطلبة اللاتي يطمحن في دراسة التمريض التفكير بالدخول في برنامج القبالة للاستمتاع بهذه اللحظات.