السيد سعيد العلوي: تعليم الطفل تأسيس لقادة المستقبل

ترددت في عقله ورددها على لسانه كثيراً، وأهداها لمن يحب وعدّها أساساً في عمله، نصيحة سمعها من عمه الذي رباه وتلقاها في مقاعد الدراسة من كتابات عالم النفس والفيلسوف جان بياجيه واضع أُسس التعليم ومطور نظرية التطور المعرفي عند الأطفال.


السيد سعيد العلوي المدير المتقاعد قدم نصيحته للمعلمين كخلاصة لمسيرته التعليمية أثناء إدارته للمدارس التي تسلم إدارتها، وكان يردد على مسامع زملاءه: «اعتنوا بالأطفال الصغار، وإياكم وإيذاءهم. فغداً سيكون هؤلاء قادة المستقبل .»
قاعدته ساهمت في تحقيق العديد من الإنجازات له على الصعيد الوظيفي والشخصي، وفرح جداً حينما تلقى اتصالاً من طالب سابق أصر على تكريمه مع بقية المعلمين. السيد سعيد ورفاقه وكل معلمي المراحل التأسيسية كانوا القاعدة الصلبة التي تخرج منها قادة المستقبل.
للتعرف على تجربة أحياها عرفانٌ بالجميل من د. هشام الشيخ لمن علمه الحرف، كان لنا اللقاء التالي مع السيد سعيد العلوي:

عرفنا على مسيرتك التربوية؟

عملت في الكثير من مدارس البحرين كمعلم، وإداري، وصولاً لمنصب المدير. وكانت قاعدتي التي تعلمتها من عمي السيد محمود العلوي رحمه الله، ودرستها في أطروحة بياجيه واضع أسس التعليم الإعتناء بالأطفال وعدم إيذاءهم فهم قادة المستقبل.
شكل تسلمي لمنصب مدير مدرسة عيسى الابتدائية نقطة تحول في مسيرتي وعملت فيها مدة تقارب 17 عاماً. وعملت فيها جنباً إلى جنب مع نخبة من المعلمين وقدت معهم تجربة تربوية أستطيع أن أصفها بالنجاح والتميز شهدت لها وزارة التربية.
ولذا رشحتنا الوزارة لتطبيق برنامج معلم الفصل في ) 1983 – 1984 م( مطلع ثمانينات القرن المنصرم. 


حدثنا عن تعاطي المدرسة مع برنامج معلم الفصل؟

حين طرح البرنامج كانت هناك دفعة تدرس في الجامعة، ولم يكن لدينا معلمين متخصصين في هذا المجال، إلا أن ثلاثة من المدرسين أقدموا على خوض التجربة مستعينين بدورات تأهيلية وهم الأساتذة، فريد أحمد حسن، ومحمد عبد الرحمن، وخليل القرعان. وكذلك اشتركت في دروات تأهيلية إدارية في تونس والأردن للاطلاع على التجربتين.
وطبق البرنامج بمبادرة شجاعة من المعلمين وإدارة المدرسة، في ثلاثة صفوف دراسية.
نجاح التجربة جعلنا نرفعها لأربعة صفوف ومع الوقت طبقت بشكل كامل.


كيف استطعتم تطوير قدراتكم كمدرسين وإدراة؟

بالإضافة إلى الدورات التأهيلية تم توظيف خريجين من برنامج معلم الفصل بالجامعة في المدرسة. وأصبح لدي فريق معلمين ممارسين تلقوا التأهيل اللازم ثم درسوا برنامج معلم الفصل فيما بعد، ومعلمين خريجين متخصصين في هذا البرنامج. فجمعت المدرسة بين الخبرة المتراكمة والمتخصصين الأكاديمين. 


كيف كنتم تقيمون التجربة؟

هناك تقييم دوري يُجرى في المدرسة، والوزارة للتعرف على سير التجربة الوليدة. ولله الحمد حققنا نتائج ممتازة جعلت من مدرستنا مثالاً يُحتذى به وتنصح الوزارة المدارس بالاطلاع على تجربتنا.
وبعيداً عن برامج التقييم قصيرة المدى أو متوسطة المدى سجل البرنامج أهدافاً بعيدة المدى عبر تخريج تلاميذ استطاعوا مواصلة مشوارهم الدراسي وتسلموا أعمال مهمة ألتقيت بعضاً منهم في مواقف شتى.


هل تستطيع إعطاءنا مثال على ذلك؟

نعم، قبل حوالي شهر ونصف من إجراء اللقاء تلقيتُ اتصالاً من أحد المعلمين الذين عملوا معي في إطلاق برنامج معلم الفصل، وهو الأستاذ خالد محمد نور يحمل دعوة من أحد الطلبة لتكريمي. لبّيت الدعوة وعيني تعتصر دموعي فرحاً.
الدعوة جاءت من أحد طلبة برنامج معلم الفصل وهو طبيب حالياً في مستشفى الصباح بمدينة الحد الدكتور هشام عبد الوهاب الشيخ، وحرص في الحفل الذي أقامه في صالة مجاورة لمدرسة مدينة عيسى الإبتدائية - التي تلقى فيه تعليمه الأولي - على تكريمي مع المعلمين وبلغ عددنا 17 شخصاً إضافة إلى رفاقه في الفصل.
الحفل قدم لي دليلاً ملموساً على قيمة نصيحة عمي التي أكد فيها عليّ ضرورة الاهتمام بالطفل والإعتناء بتنشأته.


هل من كلمة أخيرة؟

أؤكد على أهمية الاعتناء بالأطفال، ولهذه القاعدة انعكاسات كبيرة عليّ في الجانب المهني وعلى الصعيد الشخصي. القاعدة التي عملت بها منذ اليوم الأول للتدريس كللت مسيرتي بالنجاح وأصبحت ذا حضوة في الأوساط التربوية حتى أهلتني لإلقاء كلمة في عيد العلم في محضر الأمير الراحل.
نصيحة عمي جعلتني محبوباً عند أطفال أصبحوا اليوم رجالاً يقدمون لي آيات الاحترام أينما التقيت بهم.