اضطرابات الأكل داء متفشٍ و خطر محدق ... د.زهراء الشيخ

اضطرابات الأكل هي عادات وسلوكيات غذائية غير اعتيادية تؤثر سلبًا على الصحية العقلية، النفسية والبدنية. ولكي تصنف هذه السلوكيات على أنها اضطراب غذائي لا بد أن تستمر لمدة زمنية لا تقل عن ثلاثة أشهر، كما أن هذه السلوكيات لا بد أن تؤثر على صحة المريض وقدرته على ممارسة الأعمال اليومية بالإضافة إلى التواصل مع المجتمع.

تنقسم اضطرابات الأكل إلى نوعين رئيسين، الأول هو الاضطرابات التي تتميز بالامتناع عن الطعام وتؤدي إلى فقدان الشهية كفقدان الشهية العصبي والشره المرضي العصبي أما النوع الثاني فهو الاضطرابات التي تعنى بفرط تناول الطعام و يعتبر اضطراب نهم الطعام أو شراهة الطعام هو الاضطراب الأكثر شيوعًا في هذا النوع.

وبتخصيص الحديث عن اضطرابات فقدان الشهية ففقدان الشهية العصبي والشره المرضي العصبي يتشاركان عددًا كبيرًا من الأعراض. عادةً ما تبدأ هذه الاضطرابات نتيجة الخوف المتطرف من السمنة والهوس المرضي بالوزن وشكل الجسم والميل للنحافة الزائدة، ما يجعل الشخص يبدأ باتخاذ سلوكيات غير صحية لإنقاص الوزن كالامتناع عن الطعام ،القيء المتعمد بعد الوجبات، استخدام مدرات البول والملينات أو أي أعشاب مجهولة المصدر تُروَج لإنقاص الوزن، التمارين الرياضية شديدة الحدة ولساعات طويلة في اليوم واستخدام الأدوية كمثبطات الشهية أو أدوية الغدة الدرقية.

عادةً ما تبدأ هذه الاضطرابات في أواخر مرحلة الطفولة وبدايات المراهقة في الفئة العمرية ما بين 17 - 13 سنة، وتصيب الإناث أكثر بعشر مرات من الذكور وغالبًا ما يكون المصابون من ذوي الأوزان تحت الاعتيادية وكتلة جسم دون الطبيعية. كما أن هذه الاضطرابات تكثر لدى الرياضيين أو الأشخاص الذين تتطلب أعمالهم أجسامًا مثالية كالعارضات.

تُعزى أسباب اضطرابات الأكل إلى اجتماع عدد من المسببات البيئية والبيولوجية معًا. كما يعتبر التاريخ العائلي المرضي أحد عوامل الخطورة للإصابة باضطرابات

الطعام، أو حتى التحكم المفرط من قبل الوالدين في نوع وكمية الطعام الذي يتناوله الأبناء. أحد الأسباب أيضًا التعرض للتنمر على شكل الجسم أو التعرض للعنف الجنسي. كما ساهمت الصورة النمطية في المجتمع للجسم المثالي على ترسيخ هوس الكمال وانتشار هذه الاضطرابات بالإضافة إلى انتشار الحميات الغذائية القاسية من غير المتخصصين وأصبحت في متناول الجميع عبر قنوات التواصل الاجتماعي.

قد تؤدي اضطرابات فقدان الشهية إلى عواقب وخيمة في حال تأخر التشخيص، ابتداء من الشعور بالتعب والضعف العام إلى مشاكل الجهاز الهضمي والجهاز

العصبي كفقدان القدرة على التركيز وتراجع الذاكرة والتشنجات، ضعف في الدورة الدموية ناهيك عن المشاكل الناتجة عن استخدام وسائل غير صحية لإنقاص

الوزن، كنقص السوائل والأملاح والجفاف الناتج عن استخدام الملينات وكذلك مشاكل الفم والأسنان الناتجة عن القيئ المتعمد. في الحالات المتقدمة قد تتدهور حالات المريض نتيجة سوء التغذية وقد يؤدي ذلك للوفاة، كما أن واحدة من أصل 5 وفيات لمرضى فقدان الشهية العصبي في بريطانيا تكون ناتجة عن الانتحار.

يتم تشخيص الاضطرابات عبر حسب معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، كما يجب عمل فحوصات شاملة للتحقق من الصحة العامة أو وجود مضاعفات مرضية أم لا، أما بالنسبة للعلاج فهو يتراوح بين علاج نفسي وجلسات العلاج السلوكي المعرفي أو عبر مجموعات الدعم والمساندة النفسية إلى العلاج الدوائي الذي بدوره ينقسم إلى معالجة المضاعفات وتصحيح كتلة الجسم وكذلك الأدوية المضادة للاكتئاب وذلك قد يواجه برفض شديد من المريض.

 

 

د. زهراء الشيخ

بكالوريوس طب وجراحة عامة