الصيام والضبط الانفعالي... حسين آل ناصر

يمر شهر رمضان علينا كل عام ننتظره بلهفة واشتياق فتميل أرواحنا صوبه معانقة ذكرياته الدافئة ولياليه المفعمة بالرحمة والممزوجة برائحة الدعاء وتلك الأنفاس المقدسة وأصوات الأمنيات التي ترفع أكفها متضرعة راجية الخلاص.

لا يعد شهر رمضان موسمًا روحيًا فحسب، بل خريطة للتجديد وإعادة البناء، وفرصة كبرى للتنظيم والتطوير وتحقيق الأهداف المختلفة، ولسنا نبالغ إذا قلنا إنه يسهم في تحسين الصحة الجسدية والنفسية ويلعب دورًا كبيرًا في تحسين أسلوب الحياة وجودتها.

تناول كثير من المختصين والخبراء الدور المهم لشهر رمضان من الناحية الصحية، وقدموا معلومات كثيرة وقائية وأخرى علاجية وقد أبدعوا في ذلك وأجابوا عن كثير من التساؤلات التي تدور في ذهن الصائمين من المرضى والأصحاء.

وفي المقابل أغفل الجانب النفسي للصيام من قبل المختصين ولا يكاد يذكر مقارنة بالحديث الطبي والاستعدادات الصحية.

تنتشر سلوكيات خاطئة كثيرة في هذا الشهر، ومن المؤسف أن ترتبط في ذهنية الناس بالصوم وكأنه هو الذي يصنعها ويؤدي إليها، ولا نتعجب إذا سمعنا أحدهم يقول "اتق شري أنا صائم".

ولعل من أبرز هذه السلوكيات السيئة والانفعالات السلبية "الغضب" والاستثارة السريعة لأتفه الأسباب مما ينعكس سلبًا في نفسية الصائم والمحيطين به ومجتمعه، والمشكلة الكبرى في أنه سيقترن لاحقًا بالصوم وسيكون تلقائيًا، وكأن الفكرة أنه طالما جاء رمضان فهنالك مبرر منطقي للغضب!

هنا نورد بعض المهارات التي أثبتت فعاليتها في التعامل مع الغضب:

- تحديد الأفكار التي تؤدي للغضب والمعاني المتعلقة به، مع فحص دقتها وصحتها واستخراج أفكار بديلة لها تسهم في تقليل درجة الشعور بالغضب والتأقلم بشكل أفضل معه. مثال عند التعرض لموقف يؤدي للغضب يستبدل الأفكار المتعلقة بالإهانة إلى التفكير بمعان أخرى ومن زوايا متعددة لا تؤدي للغضب.

- الوعي بالمثيرات التي تؤدي للغضب مثل: التوتر، سرعة التنفس، وتشتت التركيز.

- الابتعاد عن المواقف والأشخاص الذين يثيرون الغضب.

التعبير عن الغضب بطرق صحية ومنها التوكيدية وتعني التعبير بحزم ووضوح عن الغضب من دون عدوان للآخرين بالإضافة لقول كلمة لا، وهذا يضمن ألا يؤدي الغضب لمشكلات على المد القريب والبعيد.   

 

حسين آل ناصر

اخصائي نفسي إكلينيكي أول

ماجستير علم النفس الإكلينيكي

المملكة العربية السعودية


pdfmedical