مع كارثة انتشار كورونا بالهند بحيث تعتبر ثاني دولة في العالم في تفشي جائحة كورونا وثالث دولة في الوفيات. تبعها الآن كارثة أخرى وأكثر خطورة وتؤدي إلى زيادة عدد الوفيات وهي كارثة تفشي الفطر الأسود.
لطالما اعتادت الهند على تسجيل عشرات الحالات السنوية من عدوى الفطر الأسود، لكن هذا العام وتزامنًا مع جائحة فيروس كورونا التي تفتك بالبلاد، تخطت الأرقام المسجلة بهذا الفطر عتبة 7 آلاف إصابة مع إعلان تسع ولايات هندية على الأقل أن العدوى تحولت لديها إلى وباء.
ونخشى نحن الأطباء انتشاره في العالم بسبب انتشار كورونا وضعف مناعة المصابين فمن المعروف أن خطورة الفطر ترتفع لدى المرضى الذين يعانون من مناعة ضعيفة مثل مرضى الإيدز والسكر ومرضى السرطان في فترة العلاج الكيماوي. ومرضى المناعة الذاتية الذين يضطرون لاستخدام الكورتيزون لفترات طويلة لتثبيط المناعة.
فما هو الفطر الأسود ولماذا انتشر في الهند بالذات؟
"الفطر الأسود أو العفن الأسود ينتج عن العفن الموجود في البيئات الرطبة مثل التربة أو السماد والمواد العضوية مثل روث الحيوانات وهو غير معدي ولا ينتقل من شخص لآخر وفق مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة.
ولكن مع انتشار الجائحة المرتبطة بضعف المناعة أصبح الفطر عبارة عن عدوى قاتلة بالفطريات تصل نسبة الوفيات من مصابيها تتعدى ٥٠% .
وربما يعتقد السبب في تفشيه بولايات الهند زيادة الجثث بسبب وفيات كورونا وطريقة التخلص منها عن طريق رميها في نهر الجانج بعد أن عجز أهل الموتى على شراء الخشب لحرق الجثث لغلاء المعيشة مما زاد في تفاقم انتشار الفطر في الهند بالإضافة إلى لجوء بعض الطوائف الهندية إلى العلاج عن طريق الاستحمام بروث البقر المقدس كاعتقاد ديني والاستحمام والتبرك بنهر الغانج الذي يحتوي على الجثث الملقاة.
وسجلت آلاف الإصابات بهذا الداء لدى الذين أصيبوا بفيروس كورونا، لتتفاقم الأعباء الصحية في البلاد التي تواجه موجة جديدة من الوباء.
من ناحية أخرى يصاب الناس بداء الفطريات الذي توجد منه عدة أنواع عن طريق استنشاق الخلايا الفطرية (الأبواغ) التي يمكن أن تنتشر في المستشفيات والمنازل عن طريق أجهزة ترطيب الهواء.
ومن الأسباب أيضًا المبالغة في استخدام الكورتيزون والمضادات الحيوية في غير محلهم خاصة مع مرضى الكورونا وهي أحد الأسباب الرئيسية للإصابة، بالإضافة إلى أن أنابيب الأكسجين وأجهزة التنفس في المستشفيات تعد أحد أهم أسباب العدوى لو لم يتم تعقيمهم بشكل صحيح بين المرضى بسبب رطوبتها العالية.
المرض يصيب الأنف والجيوب الأنفية والأسنان وعظام الوجه، ويسبب تجلطات في الأوعية الدموية الدقيقة مما يتسبب في موت الأنسجة "غرغرينة" الذي قد يمتد للعين وللعصب السابع المغذي لعضلات الوجه كما قد يمتد أيضاً لشرايين المخ.
والأعراض تكون صداع وآلام في الوجه، آلام في الأسنان، انسداد وإفرازات داكنة من الأنف، زغللة وضعف في الإبصار، تغير لون سقف الحلق، تدهور درجة الوعي.
من المهم تنويم المصاب بالمستشفى لعلاجه عن طريق فريق طبي من عدة تخصصات.
العلاج يكون دوائي مثل مضاد الفطريات وأحيانًا جراحي لإزالة الأنسجة الميتة، وقد يصل لإزالة العين في حالة إصابتها. ونشرت صحيفة "صن" البريطانية إن نحو 60 % من المرضى الذين تم علاجهم في مستشفيات الهند من فيروس كورونا، أزالوا عينًا واحدة على الأقل.
وقد يُضطر الجراحون أحيانًا إلى إزالة أنوف المرضى أو حتى فكوكهم لمنع الفطر من الوصول إلى الدماغ.
وتعد هذه العدوى قاتلة إذ يموت أكثر من نصف من يصاب ويبلغ متوسط معدل الوفيات 54 %، وفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.
وهنا أنصح بعدم أخذ الأدوية عشوائيًا وخاصة الكورتيزون والمضادات الحيوية دون إشراف طبي دقيق، وعدم الإفراط في استخدامها.
كيفية الوقاية منه سهلة جدًا:
أولًا: تجنب استنشاق أبواغ العفن أو الفطر:
حينما يتكاثر العفن يكوّن أبواغًا حتى تستطيع التنقل عبر الهواء، ومع صعوبة تجنب هذا الأمر يفضل تقليل فرص الذهاب إلى مناطق العفن وتجنب استنشاق مثل هذه الأشياء بارتداء كمامة.
ثانيًا الابتعاد عن الغبار:
عليك الابتعاد عن المناطق التي يوجد بها الكثير من الغبار أو التربة؛ مثل مواقع البناء أو الحفريات. وإذا كان عليك التواجد في هذه المناطق، عليك ارتداء كمامة. "N95"
ثالثًا: تجنب استعمال المياه الملوثة مثل مياه الفيضانات، أو المباني التي تضررت بالمياه، خاصةً بعد الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير أو الفيضانات.
رابعًا:إذا كنت تعاني من ضعف مناعة لا بد من الابتعاد عن بعض المهن المرتبطة بالزراعة أو البناء. أما إذا كان من الصعب التخلي عن وظيفتك فعليك حماية نفسك بارتداء القفازات، والسراويل الطويلة بأكمامها الطويلة والكمامات.
ويجب كذلك غسل الجروح أو الخدوش بالماء والصابون بأسرع ما يمكن.
د. نجوى الصاوي
استشاري أطفال وحساسية ومناعة
المملكة العربية السعودية
