يحق لنا في مملكة البحرين أن نفخر بأن معظم الشركات الوطنية الكبرى، والبنوك التجارية، وأغلب رجال الأعمال بمختلف مستويات تجارتهم وتنوعها يؤمنون إيماناً مطلق بالمسؤولية المجتمعية إتجاه المجتمع، ويبادرون إلى تخصيص ميزانية سنوية لهذا البرنامج.
هذه المشاركة التي أصبحت في دستور معظم الشركات عند التأسيس تقدم عطاء جميل هادف نحو الشراكة الحقيقية في بناء الوطن، وتساهم في التسهيلات اللازمة لتنفيذ برامج اجتماعية هادفة من خلال التجاوب مع مؤسسات المجتمع المدني لتحقيق أهداف تنموية مجتمعية مستدامة، والمساهمة في استقرار المجتمعات محققة العديد من التجارب الناجحة هنا أو هناك بما لا يتعارض مع سياسة عملها.
هناك جهات تجارية يخط أسمها بماء الذهب على كريم مساهماتها، وعظيم مبادراتها عند إنطلاق أي نداء إنساني وكان آخرها العام الماضي في دعم حملة "فينا خير"، والتي تسابق الجميع في تلبيتها لتحقيق أهدافها السامية مؤكدين بأن الشراكة المجتمعية برنامج حقيقي على أرض الواقع وليس شعار كما تتغنى به بعض الجهات التي لا نرى منها إلا الضجيج الإعلامي والغياب المادي.
الآن، نجدد الدعوة إلى كل هذه الجهات ذات السواعد السمراء في البناء الاقتصادي لمد اليد البيضاء وتفعيل دورها في 2021، وتكملة ذات الهدف الذي لم تتأخر عنه في 2020 وتقديم ما تراه مناسباً من عطاء إلى المتطوعين مع فريق البحرين، خاصة الذين يتقدمون الصفوف الأمامية والذين لم يتأخروا في تلبية النداء الوطني للتصدي للجائحة معرضين حياتهم للخطر من أجل أن تنقضي هذه الأزمة على خير.
بعض المتطوعين ورغم ظروفهم المالية الصعبة، ومنهم من لا يملك دينارًا - كما عبر أحدهم بحرقة قلب – لتعبئة سيارته بالبترول التي تقله للمحجر الذي يتطوع فيه، إلا أن الحس الوطني كان أقوى، والدافع الإنساني أصدق، وطبيعة الإنسان البحريني النبيل لم تتأخر أو تتراجع عن المساندة بكل جد وإجتهاد يجعلنا نفخر بهم.
الصوت من داخل المحاجر قد ارتفع عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ورغم غصة الطلب وبحة صوت المناجاة إلا أنهم يؤكدون مقاومتهم للبقاء من أجل أن تنعم البحرين ومن على أرضها جميعاً دون تفريق بنعيم الصحة والأمان، مطالبين بدعمهم بأبسط الأمور التي لن تشكل عبء إذا ما أتخدت الجهود مع وزارة الصحة في تقدير ودعم هذه الجنود العاملة بجد واجتهاد البعيدة عن أسرهم الساهرة لتخفيف معاناة المصابين، والأمر ينطبق طبعاً على جميع الكوادر المتطوعة في مختلف التخصصات.
المسؤولية المجتمعية سوف تسطع بأجمل صورها عندما تتبنى هذه الشركات متطوعي هذا المحجر، ويسابقها البنك الفلاني بمحجر آخر، بينما شركة الاتصالات المرموقة تتبنى توفير حاجة أخرى، كذلك يشترك معهم الفندق الكبير، والشركة العائلية المتميزة مع الوجيه صاحب البصمات الخيرية هنا وهناك في تقاسم توفير مخصصات رمزية تشجيعية بشكل شهري.
هذه المبادرة إنسانية في المقام الأول، وسوف تزيد عدد المتطوعين، وتخفف العبء على الموجودين لتقديم خدمات بجودة تفوق المتميز الآن، وتسرع من وتيرة تقديم الخدمات وتقلل من ساعات الإنتظار وتسكت الألسن المحبطة وتكسر أصابع الذباب الإليكتروني الذي يشكك في كل هذه الإنجازات الكبيرة التي تستحق منا كل الثناء والتقدير على ما يبذلونه من عطاء بلا حدود فاق التصور.
الحمدالله رب العالمين على النعمة التي لدينا، وعلى الروح العالية التي يتمتع بها كل مشارك في تأمين الصحة والسلامة والخدمات الطبية صغيراً أو كبير في مختلف المواقع والتخصصات، وإن شاء الله بالتكاتف الحقيقي مع برنامج المسؤولية المجتمعية من قبل الجهات الاقتصادية سوف نتجاوز هذه المحنة وتكون لهم بصمات إنسانية خيرة ناصعة لا ينكرها إلا جحود.
محمود النشيط
إعلامي متخصص في العلاقات العامة