يلعب الفك دورًا في عملية إنتاج الكلام فهو النظام الداعم لحركة اللسان. يظن الأغلب أن الشفاه واللسان هما العضوان الأساسيان المسؤولان عن النطق. ولكن في الحقيقة، يعتبر الفك هو العضو الأساسي الداعم لحركة كل من اللسان والشفاه.
المثال التالي سيوضح لك الفكرة بصورة مبسطة أكثر.
الصورة الأولى تبين شخصًا يجلس وظهره مسند تمامًا على الكرسي بزاوية 90 درجة. هذا الشخص يسهل عليه أن يمد رجله للأمام بكل أريحية كما هو موضع بالصورة الثانية، ويسهل عليه تحريك رجليه لليمين واليسار بسهولة. كما يمكن له أن يعيد رجله للأسفل ورفعها للأعلى بدون الإخلال بتوازنه.
الصورة الأخيرة تبين شخص يجلس على حافة الكرسي. جرّب معي هذه التجربة. اجلس على حافة كرسي وحاول أن تعيد الأنشطة السابقة: رفع الرجل للأعلى، تحريكها لليمين واليسار، إرجعها للأسفل. سترى أن الموضوع أصبح بالغ الصعوبة وسيخل بتوازنك واستقرارك.
لننقل هذا المثال لأعضاء النطق من الفك واللسان. كما تطّلب منك في المثال السابق أن يكون ظهرك مستنداً للكرسي حتى تستطيع التحكم بحركة رجلك بكل أريحية، يجب أن تكون مؤخرة اللسان مستقرة وثابتة بالفك حتى يستطيع اللسان التحرك بكل أريحية للأعلى وللأسفل بارتفاعات مختلفة أو بمناطق مختلفة من اللسان لإنتاج الأصوات الكلامية بكل يسر وسهولة. لأي سبب عندما يكون الفك منزلقًا لليمين أو اليسار أو كما يعرف بالـ Jaw Sliding، فإن ذلك يؤثر حتمًا على موقع اللسان وثباته في المنتصف وبالتالي التأثير على وضوح الأصوات
أهمية أخرى لثبات حركة الفك هي دعم حركة الشفاه لانتاج الكلام. المثال التالي سيوضح هذه النقطة أكثر.
حاول أن تنتج الصائت /آآآآ/ وليكن الفك مفتوحًا للأسفل. الآن، حاول أن لا تحرك الفك وثبته تمامًا وحاول إنتاج الصوت /م/. سترى أنه من المستحيل أن تنتج صوت /م/ بدون أن تحريك الفك للأعلى وسينتج صوت آخر غير صوت الـ/م/ يكون قريب من صوت /أأأأ/. نستخلص من هذه النقطة أن لإنتاج الأصوات الكلامية المختلفة يجب علينا أن نقوم بتحريك الفك بارتفاعات مختلفة (أحيانا للأسفل مثل /أأأأ/ وأحيانا للأعلى مثل /م/)، وهذه الحركة هي التي تساعد الشفتين على الالتقاء وإحداث الإغلاق التام لهما سواء في حالة الكلام أو الأكل.
التحكم في حركة الفك، وثبات حركته لإنتاج الأصوات بصورة صحيحة وقوة العضلات المحركة له دور أساسي ورئيسي في عمليه إنتاج الكلام، هذا جانب واحد من مجموعة أجهزة تعمل بصورة معقدة ومتناغمة خلال الإنتاج اللفظي. لذا فإن فحص هذه العضلات والتأكد من قوتها وسلامتها خطوة أساسية قبل إدخال الطفل في برنامج علاج النطق والتركيز على تصحيح مخارج الصوت بدون تقييم مفصّل لقدرات الفك الحركية.
وقد نلاحظ ضعف هذه العضلات عند المرضى المصابين بالأمراض ذات المنشأ العصبي أو بعد التعرض للجلطات، مما ينتج ضعف في هذه العضلات نتيجة الشد بسبب الإصابة في العصبونات الحركية العليا، أو الإرتخاء بسبب إصابة العصبونات الحركية السفلى. وهذا له تأثير على مستوى المضغ وعملية تجهيز الطعام للبلع، ومستوى النطق والكلام، أو حتى سيلان اللعاب.
شرف محمد خليل
اخصائية النطق واللغة