حظيت مرحلة المراهقة باهتمام بالغ من المختصين وأولوها عناية خاصة وكتبوا فيها باستفاضة، ولا نكاد نجد مختصًا أو مهتمًا بعلم نفس النمو لم تكن المراهقة واحدة من أهم زواياه وأطروحاته.
وبعكس ما هو شائع عن مصطلح المراهقة وتعريفها من كون المراهقة تعني الطيش والتهور والاندفاع بل على العكس تمامًا، إنها مرحلة تعني التدرج نحو النضج النفسي والبدني والجنسي والمعرفي.
يمر المراهق بتغيرات كثيرة تشمل الأصعدة كافة، ومن أهم هذه التغيرات ما يعرف بالتغيرات الانفعالية.
ونظرًا لهذه التغيرات يعتقد المراهق أنه فريد في تفكيره ومشاعره، كما أن ذكرياته مهمة لذا يكتبها على الحائط في المدرسة والشوارع المختلفة، بالإضافة إلى أن عنده حساسية انفعالية وتذبذبًا عاطفيًا ملحوظًا ومؤثرًا.
يرسم المراهق صورة خيالية لمحبوبه من دون الاعتماد على أدلة واقعية بل بالاعتماد على افتراضات لتصرفات الجنس الآخر وتفسيرات غير واقعية لها، فقد يفسر الابتسامة غير المقصودة على أنها إعجاب، والتعاملات الرسمية على أنها تقدير من نوع خاص يعود لشعور انفعالي أو حب له، وكل ذلك عارٍ من الصحة.
تنتج آثارًا نفسية واجتماعية مختلفة بسبب هذه التغيرات الانفعالية. ومن هذه الآثار تكسير الأشياء، وإيذاء الذات، بالإضافة لتغييرات في المظهر الخارجي وانشغال بهذه التغييرات، وليس انتهاء بالغضب المبالغ فيه لأتفه الأسباب.
ورغم حدوث هذه التغيرات، إلا أنه يمكن اعتبارها تغيرات طبيعية وفي حدود مرحلية مؤقتة، والأمر يحتاج لالتفات عند حدوث أزمات عاطفية تحدث نتيجة انفصال علاقة عاطفية.
وكما ذكرنا آنفًا فإن هذه الأزمات قد تحدث نتيجة خلط العواطف وتفسير التصرفات البسيطة على أنها حب أو غير ذلك.
ولعل من أبرز المشكلات العاطفية لدى المراهق هي التعلق الشديد بالآخر، أو الحب من جانب واحد، وقد يكون الدافع لهذه المشاعر جنسيًا، لذا قد تؤدي هذه الدوافع للغيرة وبالتالي للوقوع في الجرائم المختلفة.
والسبيل إلى تقليل المخاطر الناجمة عن هذه الأزمات العاطفية يكون بالتوجيه والمناقشة وإعطاء المراهق فرصة للتعبير والتفريغ بطرق سوية كالكتابة والرسم، كما أن على المراهق أن يضع حدودًا للعلاقة مع الجنس الآخر، وأن يفرق بين الانجذاب الجنسي والحب، وأن يكون واعيًا بالتغيرات الانفعالية واحتمالية تطورها وتأثيرها السلبي عليه وبالتالي على أسرته و مجتمعه.
حسين آل ناصر
اخصائي نفسي إكلينيكي أول
المملكة العربية السعودية
