بدائل مسكنات الألم، والذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، مروراً بعلاج السكتة الدماغية وليس انتهاءًا بولوج الواقع الافتراضي في التعليم الطبي. العناوين التالية لابتكارات من شأنها تعزيز الشفاء وتغيير الرعاية الصحية في العام المقبل، وفقًا لترشيحات مجموعة متميزة من الأطباء والباحثين المشاركين في مؤتمر الابتكار الطبي السادس عشر الذي عقدته كليفلاند كلينيك المجموعة الطبية الأمريكية نهاية أكتوبر الماضي.
القائمة السنوية التي توصل إليها قادة المؤتمر تضم أفضل 10 ابتكارات طبية، رشحتها لجنة من أطباء وعلماء من كليفلاند كلينيك، بقيادة رئيس قسم العافية مايكل رويزن، الذي يحمل دكتوراه في الطب.
د. رويزين أكد أن الرعاية الصحية تتغير باستمرار، وقال: "نتوقع أن تؤدي ابتكارات مثل العلاج المناعي للسرطان وعلم الصيدلة الجيني إلى تغيير كبير في المجال الطبي وتحسين الرعاية للمرضى في كليفلاند كلينيك وفي جميع أنحاء العالم".
وجاءت الابتكارات متسلسلة كالتالي:
1- علم الصيدلة الجيني
العلاج البديل للألم: محاربة أزمة الأفيون
تناول مسكنات الألم الأفيونية تثقل عاهل الرعاية الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها تشكل أزمة أكبر نتائجها وضوحاً الموت من جرعات أفيون زائدة، هذا على الرغم من وجود العديد من العلاجات البديلة المصادق عليها إكلينيكيا للألم المزمن، إلا أن أيا منها لم يحد من الأزمة.
عام 2019 يحمل الأمل في التخلص من هذه الأزمة عن طريق اختبار علم الصيدلة الجيني، والذي يستخدم التركيب الجيني للمريض للتنبؤ بالتمثيل الغذائي للفرد من الأدوية، بما في ذلك بعض العقاقير التي يدخل الأفيون في تركيبتها بشكل أساسي. ويمكن استخدام الاختبار لتجنب ردود الفعل السلبية والقضاء على الوصفات غير الضرورية وغير الفعّالة، واستبدالها بأدوية أكثر فاعلية.
كما يمكن استخدام علم الصيدلة الجيني للتنبؤ بدرجة الألم التي يقللها الدواء أو قدرته على التخلص منها باستخدام بعض المسكنات التي يدخل في تركيبتها الأفيون.
يمكن أن يوفر علم الصيدلة الجيني الفرصة لتكييف العلاج الدوائي. في العام الجاري، ومع زيادة إمكانية الوصول إلى الاختبارات الجينية، فإن علم الصيدلة الدوائي مهيأ لإحداث تقدم كبير في الطب الدقيق وإنهاء الأزمة.
2- الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية
ساعد الذكاء الاصطناعي الأطباء في تقديم رعاية صحية للمرضى موفرًا الوقت العامل الرئيس في تحقيق نسب الشفاء العالية. وتطورت تطبيقات الذكاء الصناعي وأصبحت تحلل البيانات وتدعم القرار من خلال تحليل الصور وتحديد المرضى وأصبحت تساعد الأطباء في اتخاذ قرارات علاجية دقيقة تقلل من الأخطاء الطبية والقلق بشأنها.
تستطيع الخوارزميات تحديد الأعراض على صور الأشعة، مما يساعد في عملية الفحص. بالإضافة إلى ذلك، تستطيع تقليل التباين السريري والاختبارات المزدوجة مع ضمان سلامة المرضى، وتصب جبال من البيانات في عقل إلكتروني يجعل من رعاية المرضى مسألة أكثر ذكاءً وليست أكثر صعوبة.
ويمكن لربوتات المحادثة chatbots أن تطلب من المرضى سلسلة من الأسئلة المتعلقة بأعراض مرضهم. بعد جمع معلومات كافية، تستطيع برامج التتبع الآلية التوصية بزيارة الطبيب، أو إرسال المعلومات لمراجعة الطبيب والتشاور معه موفرةً الكثير من الجهد على الأطباء، والمعاناة على المرضى.
3- فارق التوقيت
الوقت عامل حاسم في تحديد طرق علاج السكتة الدماغية وكلما تأخر التدخل العلاجي ارتفعت المضاعفات بسبب الدمار الذي يحدث في خلايا الدماغ وقد ينتج عن ذلك عجز في الحركة.
خلال الساعات الأولى من الاصابة بالجلطة يستطيع الأطباء التدخل عبر عدة إجراءات علاجية، ولكنها تظل محدودة ويحكمها عامل الوقت فبعد مرور 6 ساعات من السكتة التي يطلق عليها "النافذة الذهبية" لا يوصى بإجراءها، حيث يُعتقد أنها كانت الفترة الزمنية التي يكون فيها التدخل أكثر فاعلية لتقليل الضرر أو منعه. ونادرًا ما يحدث التدخل بعد هذه المدة الزمنية، وغالبًا ما يترك المرضى الذين وصلوا في وقت متأخر إلى المستشفى في مواجهة الجلطات، وموت الأنسجة.
ومع ذلك، تشير الأبحاث الجديدة إلى أن مدة التدخل قد تكون أكبر مما نصحت به سابقًا. وتوصي الإرشادات الجديدة الصادرة عن جمعية القلب الأمريكية وجمعية السكتة الدماغية الأمريكية في يناير 2018 بزيادة وقت النافذة الذهبية من 6 ساعات إلى 24 ساعة لإزالة الجلطة.
ومن المتوقع أن يقلل اتساع "النافذة الذهبية" من خطر الإعاقة لعدد مذهل من مرضى السكتة الدماغية الذين لم يعالجوا بعد اتباع الإرشادات السابقة. على الرغم من أن الوقت لا يزال يمثل جوهر علاج السكتة الدماغية، إلا أن هذه النافذة الموسعة تعطي الأمل للذين يخشون من أنهم ليسوا سريعين بما فيه الكفاية تجاه السكتة الدماغية.
4 - تجنيد الخلايا لمحاربة السرطان
العلاج المناعي للسرطان أو العلاج البيولوجي هو أسلوب يستخدم جهاز المناعة في الجسم لمكافحة السرطان.
في أوائل عام 2018، اكتسبت تقنية الخلايا التائية المهندسة شعبية مع انطلاق العديد من الدراسات السريرية لاستخدامها في أنواع جديدة من السرطان. ومن المتوقع أن تنمو هذه الشعبية في العام المقبل. العامل الأكثر وعدًا في عام 2019 هو مستقبل الخلايا التائية T-cell وعلاج TCR-T الذي تم تطويره لعلاج سرطان الكبد - وهو ثالث أكثر الأمراض فتكًا في العالم- مع الاكتشاف اليومي القريب للأهداف المناعية الجديدة، ومن المؤمل أن العلاجات الفعالة سوف تكون متاحة قريباً لجميع أنواع الأورام.
5- طباعة الأعضاء
استثمرالعاملون الطبيون الطباعة الثلاثية الأبعاد في تصميم أطراف وأعضاء ودعامات للمرضى أكثر توافقاً مع التشريح الطبيعي للفرد، وقد أظهرت التعويضات التي تم تصميمها للمرضى قبولًا أكبر من الجسم مع ارتياح المرضى لها وتحسين نتائج الأداء لديهم.
وجرى انتاج دعامات مجرى الهواء المطبوعة بشكل محدود وزرعت في المرضى. ومن المتوقع أن تصدر إدارة اﻷدوﻳﺔ FDA الموافقة على طباعة الدعامات ﻓﻲ ﻋﺎم 2019. وفي ذات السياق يتسارع اﻟﻌﻤﻞ على اﻷﺟﻬﺰة اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﺔ واﻟﻐﺮﺳﺎت اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ.
وتفيد الطباعة ثلاثية الأبعاد في التخطيط الجراحي بالنسبة للعمليات الجراحية الجديدة أو المعقدة بطبيعتها. وتم استخدام هذه التقنية في العديد من جراحات القلب المعقدة، واستعين بها في أحدث عملية زراعة وجه في كليفلاند كلينيك.
6- التعلم الطبي الافتراضي
تكنولوجيا الواقع الافتراضي VR والواقع المختلط MR - الذي يخلق واقع جديد عن طريق دمج بيئة واقعية ببيئة افتراضية تسمح بخلط أجسام حقيقية باجسام منتجة إلكترونية كما تسمح للمستخدم ان يتعامل مع كل الاجسام، بنوعيها، بشكل طبيعي- هي أكثر بكثير من مجرد لعبة. هذه النظم الواقعية قد جذبت مؤخرًا محترفي الرعاية الصحية الذين يتوقون إلى تحسين مهاراتهم. وأصبحت برامج VR / MR تحظى بشعبية كبيرة في مجال التعليم الطبي. وساهمت في تقدّم التدريب بنظام المحاكاة الذي يعزز من التعليم الطبي التقليدي. مع هذا النمط من التعلم، فإن تدريب VR / MR يلبي حاجة جميع أنماط التعليم: السمعية والبصرية والحركية. ويعد التعليم عن طريق المحاكاة خطوة مثمرة لدى موفري الرعاية الصحية الأكثر مهارة وثقة في النظام.
7 - Visor راصد النزيف
على الرغم من أنها أقل شيوعًا من السكتات الدماغية، إلا أن السكتات الدماغية النزفية - التي يخرج الدم خلالها من أحد الأوعية الدموية الممزقة في الدماغ - مسؤولة عن حوالي 40 % من الوفيات الناجمة عن السكتة الدماغية.
التشخيص السريع ضروري للوصول لعلاج فعّال، حيث يمكن أن يؤدي النزيف غير المتحكم فيه إلى تورم الدماغ وإلحاق الضرر به. من أجل تسريع التشخيص، يستخدم اخصائيو الرعاية الصحية تقنيات جديدة ومتطورة مثل حاجز مسح النزيف Visor ، والذي يمكنه الكشف عن النزيف في الدماغ. وهي أداة تشخيصية فعالة، تكشف موقع النزيف قبل وصول المريض للمستشفى.
8- الابتكار في الجراحة الروبوتية
أصبحت العمليات الجراحية تجرى بندوب أقل، ويرجع الفضل في ذلك لدمج الروبوتات التي توفر للجراحين في غرفة العمليات توجيهًا دقيقاً.
وأصبحت المنصات الجراحية متقدمة للغاية ويتم استخدامها في أي مكان من العمود الفقري إلى إجراءات الأوعية الدموية. وتعد فترة الشفاء السريعة والألم المحدود بعد الجراحة مثالًا للفوائد التي يحصل عليها المريض من خلال الجراحة الروبوتية الأقل بضعاً. التقدم المستمر في هذا المجال أدى إلى إجراء عمليات جراحية أكثر دقة وفعالية مع تحسين النتائج الجراحية.
9- اصلاح واستبدال الصمام التاجي بالقسطرة
حدت التقنيات الجديدة من جراحة القلب التقليدية، وأصبحت الكثير من العمليات القلبية تجرى بالقسطرة ولم تعد بحاجة لقلب مفتوح.
وسجلت تجربتان في الاستبدال وإصلاح كل من الصمام التاجي والصمام ثلاثي الشرف بعمليات قسطرة تحت الجلد نتائج إيجابية.
لا زالت هذه التقنية تختبر على أعداد أكبر من المرضى مع نتائج مبشرة وواعدة. وسيكون لهذا الابتكار أثرًا مهماً على مستقبل رعاية القلب.
10- تعد العلاجات الجينية المصنعة من الحمض النووي والحمض النووي الريبوزي RNA هي أحدث الابتكارات في المختبرات على الصعيد الوطني (الولايات المتحدة الأمريكية) وأظهرت إمكانات هائلة.
يعطي التداخل مع البيانات الوراثية على مستوى الحمض النووي الريبوزي (RNA) للعلماء القدرة على اعتراض الشذوذ الجيني لدى المريض قبل ترجمته إلى بروتينات وظيفية (أو غير وظيفية).
ويجري استكشاف هذه العلاجات الجديدة في مجموعة متنوعة من الأمراض الوراثية النادرة مثل مرض هنتنغتون، وكذلك في أمراض السرطان والأمراض العصبية، مع الأمل في العلاج عن طريق بيانات وراثية بديلة. آليات العمل الجديدة هذه تفتح نوافذ للتقدم والابتكار في مجال العلاج.