لا تجعلوا من الهاتف جليسًا للأطفال ... عبادي: تحدثوا مع أطفالكم لينطلق لسانهم

يشكل المحيط الاجتماعي للطفل بيئة حاضنة ترعاه وتساعده على تطوير قدراته في التواصل واكتساب المعارف والمهارات، ومع اقتحام طوفان من الأجهزة الذكية حياة الأفراد الذي يدخله البعض منهم في تلهية الأطفال من سن مبكرة مما يعيق تطور اللغة لديهم.

أخصائية السمع والنطق ولاء عبادي ومؤسسة مركز ولاء لتأهيل النطق الأطفال حذرت من هذا السلوك الاجتماعي الذي يعرقل نمو الطفل، وقالت أن جزءًا كبيرًا من الذين يقصدون المركز يأتون لعلاج مشاكل الحوار وتكوين الجُمل.

وأردفت: "لاحظتُ أن أغلب الحالات التي تقصد المركز لأطفال في الثالثة من العمر أو أكبر تعاني من مشكلة ضعف تكوين الجُمل والحوار اللفظي السليم، وفي جلسة التقييم نكتشف أن هؤلاء الأطفال منعزلون عن محيطهم الاجتماعي ومرتبطون بالأجهزة الذكية من هواتف وحواسيب لوحية وألعاب فيديو".

وأوضحت: "العزلة يضاعفها انشغال الوالدين عن الطفل وعدم الاهتمام بمحادثته أو تخصيص وقت لذلك أو قراءة القصص له. المحادثة تسهم كثيرًا تكوين مخزون من المفردات التي يسمعها ويرددها لاحقًا".

 

الأجهزة الذكية تعقد اللسان

وردت على أن الأجهزة فيها ألعاب تعليمية ومقاطع فيديو تعليمية في موقع يوتيوب قائلة: "ينصح الخبراء في طب الأطفال بعدم إعطاء الأطفال دون السادسة الأجهزة الذكية لأنها تؤثر على صحتهم، وحددوا معايير ترتبط بسن الأطفال فوق الثامنة وعدد الساعات المسموحة بها في استخدام الأجهزة". وواصلت: "هذا بشكل عام أما فيما يتعلق بما يتعلمونه من خلال مشاهدة فيديوهات اليوتيوب فهو تعليم ناقص لأن الطفل في هذا الحالة متلقي ولا يتفاعل بالكلام مع ما يشاهده. وهنا تكمن مشاكل النطق لأن الطفل لا ينمي مهارة التحدث وتظل هذه المهارة ضامرة وتحتاج إذا استمر الوضع علما هو عليه لمساعدة أخصائي نطق لحل هذه المشكلة".

 

وعن التوقيت المناسب لاستشارة أخصائي النطق، قالت: "في عالم الطب كلما كان التدخل مبكرًا كانت نتائجه أقوى وتظهر بشكل أسرع. وهذا ينطبق على مشاكل النطق أيضًا فعند ما يلاحظ الوالدان أو أحدهما تأخر النطق أو ضعف واضح في التحدث وتكوين الجُمل في سن الثالثة وما يقارب الثالثة وتأخر المهارات اللغوية، هنا من الأفضل استشارة أخصائي النطق واللغة". وأوضحت: "إن مقارنة مهارات الطفل في التحدث مع أقرانه يعد مقياسًا مساعدًا للوالدين يبين مستوى المهارات اللغوية عند طفلهما. وهذا ما يحدث بشكل واسع حيث أن بعض أولياء الأمور الذين يأتون المركز يفيدون بأنهم لاحظوا المشكلة لدى الطفل عند ما قارنوا بينه وبين أقرانه".

 

الوالدان شركاء في العلاج

وحول العلاج، بينت أن جلسة التقييم الأولى تحدد البرنامج العلاجي بالتعرف على أسباب تأخر النطق وهي كثيرة ومنها مشاكل في السمع، التوحد، مشكلة الحوار وضعف تكوين الجُمل وغيرها. وأوضحت: "أول خطوات العلاج رفع الأسباب التي تعيق الطفل عن التحدث بشكل طبيعي، فإذا كان للأجهزة الذكية دور في ذلك نزود الوالدين بنصائح لتقليل تعرضه لهذه الأجهزة بشكل تدريجي وصولًا إلى أقل وقت ممكن ساعة أو نصف ساعة، ونؤكد أن الحرمان قد يشكل رد فعل لدى الطفل".

وواصلت: "في المركز يعمل الأخصائي مع الطفل وفق برنامج مرسوم يتم عبره تزويد الطفل بكلمات في المرحلة الأولى – إذا لم يكن يعاني من مشاكل عضوية في السمع أو الأعضاء والعضلات التي تساعد على النطق- وبعدها تكوين الجُمل، وصولًا لمهارة التحدث".

وشددت على أن الوالدين شركاء مهمين في البرنامج العلاجي عبر اتباع تعليمات الأخصائي، ومشاركة الطفل في أنشطة بالمنزل كاللعب وقراءة القصص والتحدث معه.

ودعت أولياء الأمور إلى تقبل حالة الطفل إذا كان يعاني من مشاكل صحية – وهي أولى خطوات العلاج- والمبادرة في استشارة المختص للتعرف على حالة الطفل وعلاجها إذا كانت تتطلب معالجة.

وتمنت على أولياء الأمور إبعاد الأطفال خصوصًا في السنوات الأولى من عمرهم عن الأجهزة الذكية، والتقليل من ساعات التعرض لها عند الأطفال الذين تجاوزوا السادسة وتحديدها لساعة أو نصف ساعة في اليوم. وقالت: "استبدلوا الساعات التي يقضيها الأطفال مع الأجهزة الذكية باللعب التقليدي أو الألعاب التي تنمي المهارات العقلية كتركيب الصور (البازل)، وقراءة القصص".

وختمت بالقول جالسوا أطفالكم ولا تجعلوا من الهاتف أو الحاسوب اللوحي جليسًا لهم.

 

 


pdfmedical