الحكمة ضالة المؤمن والمثل الذي يتردد على مسامعنا دائمًا يقول درهم وقاية خيرٌ من قِنطار علاج، ولأن السُبل أصبحت متاحة لنا لإجراء الفحوصات الطبية فهي فرصة ينبغي الاستفادة منها.
على الرغم من المستوى المعرفي الذي يتمتع به البشر في وقتنا الحاضر إلا أن هناك مجموعة من الناس لا يزالون يجهلون أهمية إجراء الفحوصات الطبية الدورية ويراجعون المؤسسات الصحية عندما تـلـّم بهم حالة مرضية عارضة وتتسبب في إعتلال صحتهم الجسدية أو النفسية، وبحسب دليل الفحوصات الطبية الشاملة الصادر عن مجلس الصحة لدول الخليج العربية فإن إجراء الفحوصات الطبية الدورية تساعد على الكشف عن بعض الأمراض التي لا تظهر أعراضها في مراحل مبكرة بالإضافة إلى أن إجراء الفحوصات الدورية تعمل على الوقاية من الأمراض والوقوف على عوامل الخطورة والكشف عنها في مراحل مبكرة قبل ظهور الأعراض والبدء في علاجها ومنع مضاعفاتها كضغط الدم والكوليسترول حيث لا توجد لهم أعراض، وبالتالي فإن إجراء الفحوصات الطبية الدورية تـُساهم في الحفاظ على صحة الإنسان.
وبحسب الدليل أيضًا فإن خضوع الشخص لإجراء الفحوصات الطبية الدورية يعتمدُ على عدد من العوامل كالفئة العمرية والجنس والتاريخ المرضي للعائلة، كما عرّف الدليل في ذات الوقت الفروقات بين الفحوصات الدورية والاختبارات التشخيصية وكذلك الرعاية المستمرة والتي بالفعل نحتاج لأن نكون على دراية بها، حيث أن الفحوصات الدورية تجرى لشخص سليم قبل ظهور الأعراض لمرض معين بهدف الكشف المبكر عنه ومنع حدوث المضاعفات، أما الإختبارات التشخيصية يتم عملها لتأكيد تشخيص مرض بعينه لدى الشخص المشتبه بإصابته والبدء في علاجه، ويخضع للرعاية المستمرة من تم تشخيصه بمرض مزمن ويحتاج إلى متابعة منتظمة مع الطبيب للحصول على رعاية مستمرة بهدف السيطرة على المرض ومنع حدوث المضاعفات.
ما يلفت الإنتباه حقـًا هو أن الدليل أشار إلى أرقام في غاية الأهمية تتعلق بعض الفحوصات الدورية حيث بلغت نسبة شفاء من خضعن من النساء للكشف المبكر عن سرطان الثدي 95 % ، وأن 90 % من الأشخاص الذين يُشـّخصون بسرطان القولون في مراحله المبكرة يتمتعون بحياة أطول، كما أن 90 % من النساء اللواتي يجرين الفحص الدوري لسرطان عنق الرحم في مراحل مبكرة يسهل علاجهن، وأشار الدليل إلى أن 46% من الأشخاص لا يعلمون أنهم يعانون من ارتفاع ضغط الدم إلا بعد الذهاب إلى الطبيب والأخطر أن 45 % من حالات السكتة القلبية تكون صامتة ولك عزيزي القارئ أن تتخيل كم هي الأهمية من إجراء الفحوصات الدورية سواء على مستوى الشخصي أو المجتمعي، وتتوفر لدينا في سلطنة عُمان فحوصات طبية مجانية تجرى في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية ضمن برنامج وزارة الصحة إفحص وإطمئن حيث تستهف من بلغ سن الـ 40 ويخضع الشخص لإجراء الفحوصات الدورية بهدف الكشف المبكر عن أمراض ارتفاع ضغط الدم والسكري والكلى وأمراض القلب.
ولأن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء ولأن المرضى هم من يدركون معنى هذه المقولة، ولأن الصحة نعمة تستوجب الشكر وعلينا أن نحافظ عليها وطالما أن الفحوصات الدورية متوفرة فلماذا لا نستغل الفرصة قبل أن تقع الفأس على الرأس، ودمتم بخير.
أحمد بن خلفان الزعابي
كاتب - سلطنة عمان