مهدت جائحة كورونا الطريق أمام خدمة التطبيب عن بُعد لولوج الخدمات الطبية بسرعة وسلاسة والتي وظفت فيها وزارة الصحة تقنيات الاتصال للربط بين المريض وخدمات التطبيب والحفاظ عليه وعلى العاملين في الحقل الصحي من التجمعات التي قد تتفشى فيها العدوى.
وقال أطباء وإداريون يعملون في القطاع الخاص في استطلاع للطبي أن الطب الاتصالي أو التطبيب عن بُعد خدمة لها مستقبل واعد، وقالوا أنها نجحت في القفز على الحدود التي قد تعيق وصول المرضى للأطباء، وأنها توفر الكثير من الوقت على المرضى وتسهل على الأطباء متابعة حالة المرضى.
المشاركون طرحوا آراءهم بالتفصيل في الأسطر التالية:
فردان: التطبيب عن بُعد فعّال في مواعيد المتابعة
قال المدير التنفيذي للعمليات في مستشفى ابن النفيس علي فردان أن للتطبيب عن بُعد في المستقبل دور فعّال في مواعيد المتابعة بعد الزيارة الأولى للطبيب Patient Follow-up، وهذه الخدمة ستكون فعّالة في تخصصات طبية معينة كالطب النفسي، عيادات الغدد الصماء وعيادات الباطنية مثلًا.
وبيّن أن جائحة كورونا ساهمت في تسليط الضوء على خدمة التطبيب عن بُعد، وعزّز ذلك انتشار تکنولوجيا المعلومات على نطاق واسع في الآونة الأخيرة.
وأكد: "في مستشفى ابن النفيس نسعى إلى توفير جميع الخدمات لراحة المريض لذا كان من الضروري توفير خدمة التطبيب عن بُعد". وأوضح: "أن الطلب على الخدمة إزداد في جائحة كورونا في الحالات التي لا يتطلب فيها وجود المريض والطبيب في نفس المكان".
وقال فردان أن من العقبات التي تواجه هذه الخدمة اقتصارها على تخصصات معينة، إضافة إلى شعور المريض براحة أكثر عند التشخيص المباشر من الطبيب. ولفت إلى أن الطلب على هذه الخدمة سيزداد في أوقات الأوبئة وجائحة كورونا مثال على ذلك.
د. مير: الطب الاتصالي واعد.. ولكن!
قال رئيس جمعية المؤسسات الصحية الخاصة د. حسين مير أن التطبيب عن بُعد خدمة ممتازة ولها مستقبل واعد ولكنها تحتاج للمزيد من التنظيم لتحقيق أقصى استفادة من هذه الخدمة التي عبر عنها أنها سلاح ذو حدين ويمكن أن يستغلها البعض بشكل خاطئ.
وبيّن أن العاملين في الحقل الطبي في العالم مختلفين في نظرتهم للخدمة فمنهم متحمس بشكل كامل، وآخرون أبدوا تأييدهم، وقسم متحفظ، والبعض يجاهر بمعارضته للخدمة. وواصل: "المتحمسون يرون أن التطبيب عن بُعد (الطب الاتصالي) جزءًا أساسيًا من الخدمات الصحية في المستقبل وهو قادم لا محالة في ذلك".
وحول نظرة المؤيدين قال أنهم يرون فيه فوائد كثيرة ظهرت جليًا أثناء تفشي وباء كورونا. وساق مثالًا يظهر فائدة أخرى للخدمة، وقال: "هذه الخدمة ليست جديدة بل هي ممارسة موجودة خصوصًا في البلدان الكبيرة كالولايات المتحدة الأمريكية حيث يتمكن مريض في آلاسكا على سبيل المثال من الحصول على العلاج على يد طبيب متخصص في ولاية أخرى". وأوضح: "يذهب المريض لمركز طبي عام ويفتح الطبيب العام قناة اتصال مع الطبيب المتخصص في مستشفى أو مركز بحثي ومن خلال التعاون بين المريض والطبيب العام يستطيع الطبيب المختص من معاينة وتشخيص المريض وتحديد العلاج المناسب وطلب الفحوصات والعينات اللازمة".
وساق حجج الرافضين للطب الاتصالي التي ركزت على غياب الفحوص السريرية التي تساعد الطبيب على التشخيص الصحيح، وضبابية تحديد المسؤول عند حدوث خطأ طبي، إضافة إلى إمكانية استغلاله بشكل سيء من البعض كإدعاء المرض والحصول على إجازة مرضية عبر استشارة بالتطبيب عن بُعد".
وقال د. حسين مير: "شخصيًا أراها خدمة ممتازة ولها مستقبل واعد، ولكن تحتاج للتنظيم الذي يرفع أي نقاط ضعف قد يساء استخدامها وقد تجلب مضرة للمريض أو القطاع الطبي". وأضاف: "كما أسلفتُ الخدمة ليست جديدة ولها صور عديدة ومعمول بها في طب المختبرات والأشعة حيث يرسل المستشفى أو المختبر صور الأشعة أو تحليل العينات لطبيب مختص في مؤسسة صحية أخرى في نفس البلد أو بلد آخر للحصول على تقرير عن الحالة الصحية، هذا على سبيل المثال".
وأكد أنها مناسبة جدًا في حالات متابعة المرضى بعد الموعد الأول مع الطبيب، وتساعد المرضى الذين يصعب عليهم الوصول للمستشفى كذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، والمصابين بالأمراض المعدية.
وتوقع أن تكون رسوم الخدمة إذا طبقت في القطاع الطبي الخاص أقل من الاستشارة التقليدية لعدة عوامل أبرزها عدم استخدام مرافق المؤسسة الصحية.
وشدد على ضرورة توضيح شروط الخدمة قبل البدء بها من قبيل أن التشخيص عبر الطب الاتصالي ينقصه الفحص الفحص السريري، وقال: "هذه الاقتراحات وغيرها من شأنها دعم تنظيم الخدمة وإغلاق الثغرات التي يمكن للبعض اختراقها والإضرار بخدمة التطبيب عن بُعد واستغلالها لمصالحهم".
د. المدحوب: خدمة موفرة للوقت ومستقبل قادم
وصف طبيب تجميل الأسنان د. أحمد المدحوب التطبيب عن بُعد بأنه المستقبل القادم. وقال أن هذه الخدمة ستساهم في رفع متوسط عدد المرضى الذي يلتقيهم الطبيب بسبب توفيرها الوقت.
وقال أن التثقيف الصحي والإرشاد جزء أساسي من العلاج، وهو مهم جدًا في كل التخصصات الطبية ومنها طب الأسنان. وأردف: "قد لا يعد كثير من الناس التثقيف الصحي في جلسات الاستشارة علاجًا لكنه محور لا يستهان به بل قد يكون هو العلاج. فعلى سبيل المثال قد يمارس المراجع تنظيف أسنانه باستمرار ولكنه يعاني من مشاكل فيها، ويكتشف الطبيب أن هناك خللًا في جودة العناية فيعالج الخلل ويزوده بنصائح تضمن له الوقاية مستقبلًا، وهذا النوع من العلاج ممكن لطبيب الأسنان تقديمه عبر التطبيب عن بُعد".
وأشار د. المدحوب وهو أحد مؤسسي La Clinique إلى تجربة نفذها عبر حسابه في الانستغرام قدم فيها نصائح وإرشادات خاصة لـ 10 من متابعيه عبر قناة المحادثات الخاصة، وقال أنها خطوة مهمة تساهم في تعزيز مفهوم خدمات التطبيب عن بُعد في مجال طب الأسنان.
وأكد أن التطبيب عن بُعد مستقبل قادم وأنه واعد جدًا في حقل طب الأسنان، وأوضح: "من أبرز الأمثلة على ذلك قدرة الأطباء الذين يستخدمون منتجات شركة Invisalign وهي من أكبر شركات تقويم الأسنان في العالم في العام الماضي على معاينة مرضى أكثر بفضل استثمار خدمة التطبيب عن بُعد في الوقت الذي عرقلت كورونا التواصل بين المرضى والأطباء في المؤسسات الصحية".
وعن مستقبل الخدمة، قال: "قريبًا سيتمكن أطباء الأسنان من مراقبة حالة أسنان مرضاهم من خلال تصوير فيديو يرسله المريض من جهاز تصوير خاص إلى الطبيب الذي بدوره يتعرف على حالة الفم من خلال الفيديو المرسل".
وأضاف: "من خلال التطبيب عن بُعد والتقنيات الحديثة سيتمكن الطبيب من تقديم الاستشارات الطبية لعدد أكبر من المرضى مقارنة بالطريقة التقليدية لقدرة الخدمة على توفير الوقت".
وختم بالقول أن تقدير رسوم الخدمة تحددها المؤسسة الصحية.
د. العلوي: عابر للحدود
قال اختصاصي تقويم الأسنان د. فاضل العلوي أن التطبيب عن بُعد أتاح له ولمرضاه خصوصًا الخليجيين الانتظام على المواعيد الطبية رغم الإغلاق وبُعد المسافات والحدود. وتوقع أن تواصل هذه الخدمة النمو.
وأوضح أن جزءًا من زوار المركز من الخليجيين الذي يعاني الكثير منهم من مشاكل صحية في مفصل الفك الصدغي يضطرون لقطع مسافات طويلة إضافة إلى عبور النقاط الحدودية للحصول على العلاج. وأضاف: "في 2020 اجتاح وباء كورونا العالم وتسبب بغلق الحدود، وفي ذات الوقت دفع بالتطبيب عن بُعد للأمام، لعدة أسباب ومنها خوف الناس من التردد على المؤسسات الصحية".
وقال د. العلوي وهو مؤسس مركز الدكتور فاضل العلوي للأسنان: "تطبيق هذه الخدمة ساعدنا على التواصل مع المرضى من خارج الحدود، وسهل وصول المرضى البحرينيين للطبيب دون الحاجة للتواجد في المركز".
وواصل: "بعض البرامج العلاجية طويلة وتطبق في أكثر من جلسة، ومن خلال قنوات الاتصال استطعت التواصل مع مرضاي من الطلبة الذين يدرسون في الخارج وتقديم الاستشارات الطبية والتواصل مع الطبيب المعالج في تلك الدولة، وهذا يضمن الالتزام بالخطة العلاجية المرسومة والحصول على النتائج المرجوة". وأضاف: "لهذه الخدمة ميزة أخرى وهي أن البعض لا يحب زيارة مراكز الرعاية الصحية، فترفع هذه الخدمة الحاجز النفسي لدى المراجع".
وحول رسوم الخدمة، قال: "لا أعتقد أن الرسوم ستتغير لأن الطبيب يقدم استشارة طبية سواء عبر قناة اتصال أو بشكل مباشر".
ورأى أن إقبال الناس على الخدمة كان جيدًا وتوقع أن تواصل نموها في المستقبل.