قياس فوكسل فعّال في رصد تأثيرات الأدوية المشعة ... ساجدة العلوي

تستخدم الأشعة المؤينة ذات الطاقة المرتفعة كعلاج غير جراحي للقضاء على الخلايا السرطانية، لقدرتها على تدمير الحمض النووي للخلايا وبالتالي إيقاف تكاثرها.

ويمكن تعريض الخلايا السرطانية للإشعاع بأساليب مختلفة: من خارج الجسم (EBRT -External Beam Radiotherapy)، أو من داخل الجسم عن طريق غرس كبسولات مشعة (Brachytherapy)، أو عن طريق الأدوية المشعة التي توصّل الأشعة للعضو المراد علاجه (TRT -Targeted Radionuclide Therapy).

 

لتحديد أفضل طرق قياس الآثار الجانبية على العلاج بالأدوية المشعة اخترت في أطروحتي للماجستير دراسة قياس الجرعات الإشعاعية لمرضى السرطان الذين يعالجون بالأدوية المشعة في الطب النووي، وتمت دراسة عينة من مرضى سرطان البروستات (mCRPC - Metastatic Castration-Resistant Prostate Cancer) الخاضعين للعلاج بالأدوية المشعة في مستشفى كوبيو الجامعي في فنلندا لعدة دورات علاجية تتراوح من 5 - 1 دورة. واستخدم في علاجهم عنصر اللوتيتيوم (Lu-177)  بطاقة 7 جيجا بيكرل كمصدر للإشعاع، وتم دمجه بالأنتيجين (PSMA - Prostate-Specific Membrane Antigen) كموصّل حيوي للمادة المشعة للخلايا السرطانية.

لهذا النوع من العلاج تأثيرات جانبية ممكن أن تطال الكلى والكبد بشكل مباشر، فهما العضوان اللذان يخلصان الجسم من الأدوية المشعة، وللتأكد من عدم تعريضهما لطاقة إشعاعية تؤدي للإخلال بوظائفهما الطبيعية، يتم قياس الجرعات الإشعاعية لهما بعد كل دورة علاجية.

الهدف من الدراسة التي أعددتها هو مقارنة بين طرق قياس الجرعات الإشعاعية للكلى والكبد باستخدام الطريقة التقليدية (MIRD - Medical Internal Radiation Dose) والطريقة المستحدثة قيد الدراسة تعتمد على قياسات ثلاثية الأبعاد (Voxel-based Dosimetry).

ولقياس الجرعات يصور المرضى بكاميرا جاما مدمجة بالأشعة المقطعية (SPECT – Single Photon Emission Computed Tomography)، وقياس النشاط الإشعاعي داخل جسم المريض بعد 4 ساعات ، 24 و 48 ساعة من أخذ الدواء المشع ومن هذه البيانات يُرسَم منحنى للعلاقة بين النشاط الإشعاعي والوقت باستخدام برنامج (Hermes Medical Solutions - Sweden) وتستخدم المساحة المحسوبة تحت المنحنى لقياس الجرعة الإشعاعية بالطريقة التقليدية التي تعتمد على ثوابت تخص كل أعضاء الجسم التي تم حسابها اعتمادًا على أجسام صناعية مطابقة لجسم الإنسان (Phantoms). وتعتمد الطريقة ثلاثية الأبعاد في حسابها على الاحتمالات المستنتجة من محاكاة مونت كارلو، وتكون النتيجة قياس جرعات إشعاعية خاصة بكل مريض.

 

النتائج والنقاش:

بعد قياس الجرعات الإشعاعية الممتصة من قِبل الكلى والكبد لكل المرضى كشفت البيانات أن الجرعات المقاسة باستخدام الـ MIRD كانت بنفس المعدل لكل المرضى، وأظهرت الجرعات المقاسة باستخدام الـ Voxel  أن كل مريض تفاعل بشكل مختلف مع الجرعات. كما أوضحت الطريقتان أن جسم كل مريض كان يتفاعل بالطريقة نفسها ويحصل على جرعات إشعاعية متطابقة في كل دورة علاجية خضع لها.

وكشفت أداتا القياس عن تفاوت في الجرعات، فلم يتطابق قياس الجرعات باستخدام الـ MIRD والـ Voxel، حيث أن جرعات الـ Voxel كانت تفوق الـ MIRD 

وساهمت زيادة عدد مرات التصوير (ثلاث مرات على النحو التالي بعد 4 ساعات، وبعد 24 ساعة، وبعد 48 ساعة) بعد أخذ جرعات الأدوية المشعة في التقليل من نسبة الاختلاف بين الطريقتين.

قد يعود سبب الاختلاف في الجرعات المُقاسة للطريقة الرياضية المُطبقة في حساب الجرعات. حيث إن طريقة الـMIRD هي طريقة (تقليدية لا تحتسب الفروقات بين المرضى، ولا تفرق بين الخلايا الصحية والأخرى السرطانية ولا تأخذ الاختلافات بين المرضى في عين الاعتبار ولا الاختلافات التشريحية بين الخلايا الصحية والسرطانية). لذا كان من الضروري استحداث طريقة تتفادى هذه المشكلة بتطبيق طرق تعتمد على قياس الـVoxel مثلًا. ولكن نسبة الخطأ في تحديد قياس الـVoxel والنشاط الإشعاعي بداخله تزيد كلما صغُر حجمه  (Partial volume effect).

أما الجرعات الإشعاعية المتراكمة من الدورات العلاجية كانت في المستوى الآمن للكلى والكبد لكل المرضى مما يُؤكد على سلامة هذا النوع من العلاج وأهمية قياس الجرعات الإشعاعية بعد العلاج لتفادي أي احتمالية لتعريض الأعضاء السليمة للضرر.

 

المقال خلاصة لأطروحة الماجستير أعدتها ساجدة العلوي تحت عنوان قياس الجرعات الإشعاعية لمرضى السرطان الذين يعالجون بالأدوية المشعة في الطب النووي في جامعة فنلندا الشرقية - فنلندا.

 

 

ساجدة العلوي

ماجستير في الفيزياء الطبية